
يعتبر الإتفاق الذي عُقد بين سلطة دمشق وقوات سوريا الديمقراطية قسد، تحولاً تاريخياً في مسار توحيد مؤسسات الدولة بعد الاختلافات الحاصلة والاتهامات للإدارة الذاتية بالسعي بالانفصال الذي طالما تكذبه، ويأتي الاتفاق ليثبت أن سوريا بكل اختلافاتها الاثنية والدينية والعرقية يمكن أن تتعايش بسلام.
ويأتي الاتفاق بين الشرع وقائد قوات قسد مظلوم عبدي ليوحد القوات العسكرية والأمنية تحت مظلة جيش الدولة، وليحصل الأكراد على حق المواطنة والمشاركة في الحياة السياسية.
وعلق القيادي بدران جيا كرد، في حديث مع المرصد السوري لحقوق الإنسان، عن الاتفاق قائلاً: “نحن نرى بأن التوافق ما بين السلطة في دمشق وشمال شرق سوريا ستشكل بداية مرحلة جديدة لكل سوريا ومكوناتها وهو بدء مرحلة البناء السياسي بمشاركة جميع الأطياف وكذلك إسدال الستار لمرحلة عاشها السوريون جميع أشكال البؤس والحرمان والاستبداد وإنهاء لكل الصراعات الدموية”.
ويتطلع جيا كرد إلى البدء بمرحلة الاعمار والتنمية الاقتصادية وتشكل بداية حوار سوري شامل دون تمييز، وأن تكون بمثابة مصالحة وطنية شاملة وترسيخ أسس التعايش المشترك.
واعتبر أن مناطق شمال وشرق سوريا تشكل جزءً جغرافياً ومجتمعياً من سوريا الموحدة والمتنوعة في نفس الوقت، وأن جميع المؤسسات العسكرية والمدنية تشكل جزءً من مؤسسات الدولة منها السيادية بشكل خاص، وتكسب الدولة السورية كماً ونوعاً من التجربة الإدارية والعسكرية، وتبقى المؤسسات البلدية والخدمية والثقافية واللغوية والتعليمية والصحية والسياسية ذات الطابع المحلي تحافظ على بلورة إرادة شعوب المنطقة عبر هيئاتها الإدارية الخاصة، وهذه الاتفاقية تعتبر توحيداً وتنسيقاً للجهود السورية وتوجيهها في المسار الوطني الصحيح.
وتابع” سيكون للدولة السورية مكاسب استراتيجية واسعة النطاق على المدى البعيد، منها التلاحم الوطني السوري بكل مكوناته تجاه التحديات الداخلية والخارجية، وبالتالي تطور لحالة ديمقراطية مباشرة، وضامنة لحقوق المكونات والأفراد، وترسيخ لمفهوم العدالة والمساواة والمواطنة الحرة، ويحقق للدولة السورية وحدة متكاملة تتميز بقوتها وتطورها التنموي، وتكريس للسلم الأهلي، وهذه القضايا تعتبر قضايا بنيوية داخلية خلقتها طبيعة الأنظمة الشمولية الحاكمة، وحلولها ويجب أن تكون سوريا وطنية وداخلية، ولا يجوز لأي جهة خارجية أن تتحجج بذرائع للتدخل في الشأن السوري الداخلي والتي أججت النزاع والصراع في سوريا “.
وأفاد القيادي بدران جيا كرد بأن أي اتفاق سوري أو حوار وطني سيقطع الطريق أمام جميع أشكال التدخلات، وسيكون بمثابة الإنهاء للذرائع، وبناء علاقات حسن الجوار بناءً على المصالح الوطنية العليا، وبالأساس الذرائع التركية وفصائلها والنظام البعثي السابق، ” التدخلات هي حجج مرفوضة وكاذبة في التدخل في شأن مناطقنا حيث أن تدخلاتها تنبع من غايات استعمارية وانكارية وعدائية لقضايا الشعوب والتحول الديمقراطي “.
وأوضح أن تجربة الإدارة الذاتية في شمال وشرق سوريا منذ ثلاثة عشر عاماً رسّخت مفاهيم فلسفية للتعايش المشترك والإدارة وشراكة المرأة في جميع مناحي الحياة والحماية من الإرهاب، ورسم سياسات لعدم الغرق في الفوضى في مناطق الإدارة، وكانت مثالاً على كامل المساحة الجغرافية السورية، وهذه المفاهيم أتت ضرورة ملحة لمعالجة القضايا المستعصية في المجتمع السوري من قبل عقائد دينية وقومية متطرفة، وآخرها الجرائم التي ارتكبت في الساحل السوري، والتي كانت خير مثال على الاحتقان الطائفي الخطير الذي أدى إلى زهق أرواح أكثر من ألف شخص من الأبرياء.
ولفت إلى أن تجربة الإدارة الذاتية قد يكون فيها نواقص وثغرات ولكن في مبادئها ومعاييرها الاجتماعية والسياسية يمكن أن تشكل تأثيراً كبيراً في المجتمع السوري،” وعلينا العمل وفق هذا المنظور، ومن الجدير أن تلعب الإدارة الذاتية دوراً مؤثراً ومحورياً في دمقرطة المجتمع السوري، والحفاظ على علمانيته وثقافته المتنوعة وسيكون لها دور وازن في الحكم وفق تطلعات الشعب السوري “.
وفي سؤال المرصد عن ملف النازحين من عفرين وكري سبي /تل أبيض وسري كانيه واللاجئين ومناقشته مع الشرع، أورد، ” نعم تمت مناقشة وضع اللاجئين السوريين بشكل عام وعلى وجه الخصوص وضع شعبنا المهجرين قسراً من مناطق التي احتلتها تركيا والفصائل المرتزقة التابعة لتركيا ( عفرين – سري كانيه – تل أبيض) ، وشددنا على أهمية عودة أهالينا المهجرين الى مناطقهم عودة كريمة وآمنة وفق ضمانات دولية وتحمل الحكومة السورية المؤقتة مسؤلياتها، وتوفر الضمانات وآلية سير العملية بجهود مشتركة، وأكد السيد أحمد شرع ووزير خارجيته السيد أسعد شيباني على ضرورة العودة، وتعمل الحكومة على ذلك لاتخاذ اجراءات وترتيبات بهذا الخصوص، وحين انتهائهم من الأمر سيخبروننا بذلك”.