حقوقيون سوريون يطالبون بصياغة إعـ.ـلان دسـ.ـتوري يعـ.ـترف رسميا بالتـ.ـعدد القـ.ـومي والـ.ـديني

أصدر اتحاد المحامين ومجلس العدالة الاجتماعية في مقاطعة الجزيرة اليوم، بياناً بخصوص “الإعلان الدستوري” الذي أصدرته سلطة دمشق.
وجاء في نص البيان:
“يتابع اتحاد المحامين ومجلس العدالة الاجتماعية في مقاطعة الجزيرة بقلق بالغ ما يُسمى بـ “الإعلان الدستوري” الذي تم إصداره مؤخراً في مناطق سيطرة الحكومة الانتقالية في سوريا، والذي يشكّل تراجعاً خطيراً عن أي مفهوم لدولة القانون والمواطنة المتساوية، ويؤسس لاستبداد جديد قائم على التمييز الديني والعرقي، بدلاً من أن يكون خطوة نحو بناء دولة ديمقراطية عادلة.
إن هذا الإعلان الدستوري يحمل في طياته العديد من الانتهاكات الجسيمة للمبادئ الدستورية والقانونية، ومن أبرزها:
– يفرض الإعلان هوية عرقية أحادية للدولة على أنها “عربية”، متجاهلاً التنوع القومي في سوريا، وفي مقدمتهم الشعب الكردي، ما يُعدّ انتهاكاً صارخاً لحقوق بقية المكونات ومحاولة لطمس هوياتها القومية والثقافية.
– يشترط أن يكون رئيس الدولة مسلماً، وهو ما يشكّل خرقاً واضحاً لمبادئ المساواة والمواطنة، ويفرض تمييزاً دينياً بين المواطنين في تقلّد المناصب العامة، مما يتناقض مع المادة 6 من الإعلان نفسه التي تدّعي المساواة بين جميع السوريين.
– لم يكتفِ الإعلان باعتبار الفقه الإسلامي أحد مصادر التشريع، بل جعله المصدر الرئيس، متجاهلاً الميراث القانوني الإنساني، والإعلانات الدولية لحقوق الإنسان، ما يضع التشريعات تحت هيمنة تفسيرات دينية ضيّقة متشددة، كفتاوى ابن تيمية والتي تتعارض مع حقوق الإنسان وحرية المعتقد.
– يكرّس الإعلان اللغة العربية كلغة رسمية وحيدة، متجاهلاً اللغة الكردية والسريانية والأرمنية والتركمانية، في تمييز واضح ضد المكونات غير العربية في البلاد.
– يدّعي الإعلان تحقيق المساواة بين المواطنين في الحقوق والواجبات، لكنه في الوقت ذاته يمنع غير المسلمين من تولي منصب الرئيس، ما يجعل هذه المواد فارغة من أي مضمون قانوني حقيقي.
– يتحدث الإعلان عن “تكريم الشهداء” دون تحديد معايير واضحة لمن يُعدّ شهيداً، ما يفتح الباب أمام تأويلات خطيرة قد تؤدي إلى تمييز بين الضحايا على أساس سياسي أو أيديولوجي.
– يتم تعليق العمل الحزبي حتى إصدار قانون جديد، دون تحديد سقف زمني، مما يعني فعلياً حظر الأحزاب ومنع النشاط السياسي، كما أن المادة تشترط أن تكون الأحزاب ذات طابع “وطني”، في الوقت الذي صيغ فيه الإعلان نفسه على أسس عرقية ودينية، مما يكشف التناقض الصارخ في بنوده.
– يمنح الإعلان رئيس الجمهورية صلاحيات مطلقة، بما في ذلك تعيين أعضاء مجلس الشعب، ما يعني إلغاء أي مفهوم للانتخابات الديمقراطية، ويؤسس لديكتاتورية مطلقة لا تخضع لأي رقابة قانونية أو مؤسساتية.
– يغيب عن الإعلان أي آلية لمساءلة رئيس الجمهورية أو عزله في حال ارتكابه جرائم أو خروق دستورية، كما أنه لم يحدد كيفية تشكيل مجلس القضاء الأعلى، ما يجعل السلطة القضائية خاضعة للسلطة التنفيذية دون استقلالية حقيقية.
– بجعل جميع السلطات في يد رئيس الجمهورية، يتم القضاء على مبدأ الفصل بين السلطات، مما يحوّل النظام إلى استبداد مستدام تحت غطاء قانوني زائف.
بناءً على ما سبق، فإننا في اتحاد المحامين ومجلس العدالة الاجتماعية بمقاطعة الجزيرة، نرفض بشكل قاطع هذا الإعلان الدستوري، وندعو جميع القوى الديمقراطية والحقوقية إلى رفضه وإدانته والعمل على:
-إعادة صياغة أي إعلان دستوري مستقبلي على أسس ديمقراطية تضمن حقوق جميع المكونات في ظل نظام لا مركزي.
– الاعتراف الرسمي بالتعدد القومي والديني في سوريا، وضمان المساواة الحقيقية بين جميع المواطنين.
– إلغاء المواد التي تمنح رئيس الجمهورية سلطات مطلقة، وإقرار نظام يضمن الفصل بين السلطات والتداول السلمي للسلطة.
– احترام التعدد اللغوي والثقافي في سوريا، وضمان الحق في استخدام اللغات الأخرى إلى جانب اللغة العربية.
– ضمان حرية العمل السياسي وعدم فرض قيود على تشكيل الأحزاب على أساس عرقي أو ديني.
إن هذا الإعلان الدستوري ليس إلا محاولة لإعادة إنتاج أنظمة استبدادية بغطاء ديني وقومي، وهو ما سيؤدي إلى تعميق الأزمات السياسية والاجتماعية في البلاد، بدلاً من إيجاد حلول حقيقية تضمن حقوق الجميع. وعليه، نؤكد أن هذا الإعلان مرفوض شكلاً ومضموناً، ولا يمثل إرادة الشعب السوري بكل مكوناته ولن نلتزم باستحقاقاته”.