أخبارمانشيت

المحكمة الدائمة للشعوب تصدر حكماً في قضية روجافا ضد تركيا

أصدرت المحكمة الدائمة للشعوب التي عقدت عدة جلسات في مدينة بروكسل في يومي الخامس والسادس من شهر شباط المنصرم لائحة اتهام بحق العديد من الضباط والمسؤولين الأتراك، جاءت كما يلي:

– المقدمة:

المحكمة الدائمة للشعوب (PPT) هي هيئة قانونية دولية تأسست عام 1979 لتعزيز الإعلان العالمي لحقوق الشعوب (إعلان الجزائر 1976). تهدف المحكمة إلى التحقيق في الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان التي لا تجد العدالة في المحاكم الوطنية أو الدولية التقليدية. تعقد المحكمة جلساتها استنادًا إلى طلبات مقدمة من منظمات حقوقية ومجتمعات متضررة، وتنظر في الأدلة، وتصدر أحكامًا تستند إلى القوانين والمعايير الدولية.

في 5-6 فبراير 2025، عقدت المحكمة جلستها الـ 54 في بروكسل للنظر في القضية المقدمة ضد الحكومة التركية من قبل شبكة من المنظمات التي تمثل الإدارة الذاتية في شمال وشرق سوريا (روجافا). تمحورت القضية حول الجرائم المزعومة التي ارتكبتها تركيا وقواتها المسلحة ضد السكان الكرد وغيرهم من المكونات العرقية والدينية في روجافا منذ عام 2018 وحتى عام 2025.

الجهات المتهمة

وجهت المحكمة اتهامات مباشرة ضد كبار المسؤولين الأتراك، وهم:

 • رجب طيب أردوغان – رئيس الجمهورية التركية

 • خلوصي أكار – وزير الدفاع السابق

 • هاكان فيدان – رئيس الاستخبارات السابق ووزير الخارجية الحالي

 • يشار غولر – رئيس الأركان السابق ووزير الدفاع الحالي

 • أوميت دوندار – جنرال في الجيش التركي

الجرائم المزعومة

تضمنت لائحة الاتهام مجموعة من الجرائم الدولية التي نُسبت إلى الحكومة التركية والقوات العسكرية التابعة لها، وتشمل:

 1. جريمة العدوان

 • شن عمليات عسكرية غير قانونية داخل الأراضي السورية بين عامي 2018 و2024 دون موافقة الحكومة السورية أو الإدارة الذاتية في روجافا.

 • إنشاء مناطق احتلال عسكري في عفرين، تل أبيض، ورأس العين.

 2. الجرائم ضد الإنسانية

 • التطهير العرقي من خلال التهجير القسري للسكان الكرد واستبدالهم بعائلات سورية عربية من مناطق أخرى، في عملية هندسة ديمغرافية ممنهجة.

 • القتل المستهدف للمدنيين من خلال عمليات القصف العشوائي وعمليات الإعدام الميداني.

 • الاعتقالات التعسفية والاختفاء القسري بحق المدنيين، بما في ذلك النساء والأطفال.

 3. جرائم الحرب

 • القصف العشوائي على المدن والمناطق السكنية، مما أدى إلى مقتل وإصابة آلاف المدنيين.

 • تدمير البنية التحتية، بما في ذلك المستشفيات، المدارس، محطات الكهرباء، ومصادر المياه.

 • استخدام أسلحة محظورة دوليًا، بما في ذلك الفوسفور الأبيض خلال الهجوم على رأس العين في أكتوبر 2019.

 • استهداف النساء بشكل خاص، سواء عبر عمليات القتل الممنهج أو عبر عمليات العنف الجنسي.

 • استهداف الصحفيين والنشطاء لمنع توثيق الجرائم والانتهاكات.

 4. انتهاكات حقوق الإنسان

 • التعذيب الممنهج في السجون والمعتقلات التي تديرها القوات التركية والميليشيات التابعة لها.

 • حرمان السكان من المياه والطاقة عبر قصف محطات الكهرباء والمياه، مما أدى إلى أزمات إنسانية واسعة.

 • قمع حرية التعبير من خلال اغتيال الصحفيين والناشطين الحقوقيين الذين يغطون الأحداث في روجافا.

الأدلة المقدمة

خلال الجلسة، قدم فريق الادعاء أدلة موثقة، تضمنت:

 • تقارير منظمات حقوق الإنسان الدولية، مثل هيومن رايتس ووتش والعفو الدولية.

 • شهادات مباشرة من الضحايا والناجين من القصف والاعتقالات العشوائية.

 • صور وفيديوهات توثق عمليات القصف والهجمات التركية على المدنيين.

 • تقارير طبية تثبت استخدام الفوسفور الأبيض في الهجمات.

الموقف التركي

تم إرسال إخطار رسمي إلى الحكومة التركية بشأن القضية وحقها في تقديم دفاعها أمام المحكمة، ولكن لم ترد تركيا على الدعوة ولم ترسل أي ممثل للدفاع عن موقفها.

التحليل القانوني

استندت المحكمة في تحليلها القانوني إلى القوانين والمعاهدات الدولية، بما في ذلك:

 • ميثاق الأمم المتحدة (المادة 2 – حظر استخدام القوة ضد الدول الأخرى).

 • اتفاقيات جنيف لعام 1949 وبروتوكولاتها الإضافية (حماية المدنيين أثناء النزاعات المسلحة).

 • اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية ومعاقبة مرتكبيها (1948).

 • نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية (الذي يعرّف الجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب).

نتائج المحكمة

بعد دراسة الأدلة والتحليل القانوني، أكدت المحكمة أن تركيا وقادتها العسكريين مسؤولون عن ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في روجافا. وأكد الحكم على النقاط التالية:

 1. أن العمليات العسكرية التركية في شمال سوريا غير قانونية وتشكل جريمة عدوان وفقًا للقانون الدولي.

 2. أن تركيا قامت بعمليات تطهير عرقي منهجية، من خلال التهجير القسري للسكان الكرد وإحلال سكان جدد من مناطق أخرى.

 3. أن القصف العشوائي واستهداف المدنيين يشكلان جرائم حرب، تستوجب المساءلة والمحاسبة الدولية.

 4. أن الحكومة التركية استخدمت الفوسفور الأبيض، وهو محظور دوليًا، مما يرقى إلى جريمة حرب.

 5. أن القوات التركية ارتكبت أعمال تعذيب واعتقالات تعسفية وانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، لا سيما ضد النساء والصحفيين والنشطاء.

#التوصيات

في ختام الحكم، أوصت المحكمة الدائمة للشعوب باتخاذ الإجراءات التالية:

 1. إحالة القضية إلى المحكمة الجنائية الدولية (ICC) للنظر في إصدار مذكرات توقيف دولية بحق المسؤولين الأتراك المتورطين في الجرائم الموثقة.

 2. فرض عقوبات دولية على تركيا، بما في ذلك حظر بيع الأسلحة التي تُستخدم في العمليات العسكرية في سوريا.

 3. إرسال لجنة تحقيق دولية إلى شمال سوريا لتوثيق المزيد من الأدلة حول الانتهاكات المستمرة.

 4. ضمان حماية السكان الكرد في روجافا، عبر فرض منطقة حظر طيران لمنع الهجمات الجوية التركية.

 5. محاسبة الميليشيات المسلحة المدعومة من تركيا والمتورطة في عمليات التهجير والقتل والتعذيب.

#الخاتمة

أكدت المحكمة الدائمة للشعوب أن قضية روجافا تمثل نموذجًا صارخًا لانتهاك القانون الدولي، ويجب على المجتمع الدولي اتخاذ إجراءات عاجلة لضمان العدالة. ودعت المحكمة الحكومات والمنظمات الحقوقية إلى الضغط من أجل إنهاء الاحتلال التركي لمناطق شمال سوريا، وحماية السكان المتضررين من الانتهاكات الجسيمة التي ارتُكبت بحقهم.

بروكسل  26 3  2025

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى