الانتخاب السورية.. أين انتصر الأسد؟!
حين يسمع المرء كلمة “انتخابات” على الفور يتبادر لذهنه أنها إحدى ممارسات تطبيق الديمقراطية بالفعل هذا صحيح ولكن ليس في “سوريا الأسد” كما يسميها أنصاره. الانتخابات في “سوريا الأسد” تختلف تماماً عما يعييه العالم أجمع ففي تصريح لوزير خارجية النظام السوري فيصل المقداد أعلن، أنَّ الانتخابات التي يجريها نظامه “أفضل آلاف المرات من الانتخابات الأمريكية”! بالتأكيد هي أفضل كما يراها المقداد، وكما يراها أعضاء الطغمة الحاكمة فهي الطريق الوحيد لاستمرارهم في مناصبهم وامتيازاتهم. في هذه الانتخابات اتفق جميع المرشحين على أنَّ نجاح بشار الأسد هو هدفهم، في أول سابقة في التاريخ! مرشح يروج لمنافسه وكأننا في مسرحية درامية كوميدية من عصر المسرح الذهبي، إذ أنَّ المرشحين المنافسين لبشار الأسد بدل الدعاية لنفسيهما، والترويج لبرنامجهما الانتخابي، قام المرشحان الآخران، محمود أحمد المرعي وسلوم عبد الله، بإجراء لقاءات تلفزيونية مع قنوات مقربة من النظام، كرساها لمديح منافسهما (!) بشار الأسد ونظامه وهذا بالتأكيد لم يحدث في انتخابات أمريكا ولن يحدث حتى في انتخابات بوركينا فاسو فنحن يا سادة في “سوريا الأسد” وبحسب بعض الوكالات ، التي رصدت حسابات المرشحين على وسائل التواصل الاجتماعي، فإنَّ سلوم عبد الله الذي لم يسمع باسمه غالبية السوريين، يتابعه على تطبيق “إنستغرام” 33 شخصا معظمهم من أفراد عائلته، فيما يتابعه على “فيسبوك” 300 شخص فقط. أما أحمد المرعي، فإنَّ الصفحة التي أطلقها على “فيسبوك” لدعم حملته الانتخابية تحظى بمتابعة 100 شخص، فيما يتابعه على صفحته الشخصية في الموقع ذاته نحو 3 آلاف. للأمانة الكثير من السوريين باتوا يترحمون على ما كان يجري زمن الأسد الأب إذ أنّه لم يسميها في يوم من الأيام انتخابات ولم يسمح لأحد بأن ينافسه حتى وإن فعل كما يفعل منافسي ولده بشار، فحافظ الأسد استعاض عن الانتخابات بشيء اسماه استفتاء، وأمام الناخب خيارين أما أن يقول “نعم أو لا”، أمّا في هذه الانتخابات استطاع بشار أن يحرم الكثيرين من قول كلمة “لا”! ولكن الأسد الأب أسس نظاما تبوأ من خلاله منزلة قدسية فوق بشرية، وهو نظام يستكثر على الشعب السوري إظهار مرشح يظهر بمظهر الند ولو بشكل صوري. حقاً أنا في حيرة هل سماح بشار الأسد لأحد ما من منافسته يعتبر خطوة في اتجاه الديمقراطية!؟ هل هذا كل ما كان يطمح له الشعب السوري؟! هل قامت الثورة في سوريا كي يكحل السوريين أعينهم بمرآى “أحمد مرعي وسلوم عبدالله وهما يعلنان ترشحهما لانتخابات الرئاسية بهذا المشهد الهزلي السخيف؟! ولكن بالعودة إلى المواقف الدولية المتعلقة في هذه الانتخابات نجدها مقسومة إلى قسمين الأول التيار الراعي للنظام” روسيا والصين وإيران ” أيدوا هذه الانتخابات بشدة، أما الثاني بقية الدول والأمم المتحدة فكانت مواقفهم من هذه الانتخابات لاتعدوا بعض التصريحات الفارغة هنا وهناك حول مشروعيتها من عدمه ولم نجد أي موقف عملي فعلي تجاه النظام السوري القائم، وهذا ما يبرر لهذا النظام استخفافه بالشعب السوري وبطموحاته ومطالبه فلا يزال المجتمع الدولي عاجزاً عن اتخاذ أي قرار من شأنه حل القضية و المأساة السورية. ورث بشار الحكم عن والده في العام 2000، وورث معه التأييد الدولي والذي بدأ بزيارة وزير الخارجية الأمريكية آن ذاك مادلين أولبرايت وبدأ التسويق حينها ، لصورة الرئيس الدكتور المدني العصري المنفتح على الآخرين. ومنذ ذلك الحين أدرك السوريون أنَّ حقبة آل الأسد مستمرة إلى ما لا نهاية بقرار وتفاهم دولي، ولكن لم يدرك السوريون أنَّ هذا القرار الدولي أهم من حياة ومصير ملايين السورين، فحين قامت الثورة السورية ومع مطلع حراكها عول الكثيرون على المجتمع الدولي بأن يتحمل مسؤولياته ويسعى إلى دعم التحول الديمقراطي في سوريا، ولكن على ما يبدو أنَّ وجود عائلة الأسد في السلطة أهم من حياة ملايين السورين ومن عذاباتهم في النزوح والاعتقال و التشريد والفقر!. في الحقيقة بعد نهاية هذه المسرحية الهزلية، يجب أن نقدم التهاني والتبريكات للمجتمع الدولي الذي استطاع أن ينتصر على أحلام السوريين، ومن هنا يجب أن يدرك الجميع عدم جدوى التعويل على التغيير من الخارج، وأن الحل يكمن في الداخل السوري من خلال دعم المشاريع الوطنية الديمقراطية و الإدارات الذاتية والوقوف وراءها لأنها حقيقة قائمة على الأرض من شأنها قلب الموازين الدولية ذات يوم. إياد الخطيب