مياه الفُرات.. تركيا تخنق سوريا والعراق
تقارير دولية ومحلية تؤكد استمرار الجانب التركي في منع تدفق المياه إلى سوريا.. وذلك رغم الضغوط الدبلوماسية التي تمارسها الولايات المتحدة الأمريكية على تركيا لإرغامها على منح سوريا حصتها الطبيعية من مياه نهر الفرات، والمتفق عليها بين أنقرة ودمشق في اتفاقيتين أُبرمتا بين البلدين منذ عقود. الأمر الذي يُنذرُ بكارثة إنسانية وبيئية كبيرة ووشيكة في المناطق الشمالية والشمالية الشرقية من سوريا، إضافة إلى العراق، باعتبارها تتقاسم مع سوريا جزءًا من حصتها في مياه الفُرات باتفاق حكومي. فمعظم المناطق والبلدات السورية، الواقعة على الفُرات، تعتمد على مياهه في الزراعة والشرب، لكنَّ الموسمَ الزراعيَّ هذا الصيف تضرر كثيرًا باستمرار أنقرة في منع وصول المياه للأراضي السورية منذ بداية العام الجاري، ما ينبئ بظهور الأوبئة والأمراض، لا سيما مع تحوّل نهر الفُرات لمجرّد مجرى مائي صغير. تعمُّد الجانب التركي قطع المياه عن البلدين يؤدي أيضا إلى مشكلة كبيرة في توليد الطاقة الكهربائية، فالسدود الثلاثة الواقعة شمال وشمال شرقي سوريا تكاد تتوقف عن العمل مع اقتراب نفاد كمية المياه في بحيراتها الثلاث، الواقعة في منبج والرقة والطبقة. ورغم قيام الحكومتين السورية والعراقية، إضافة إلى الإدارة الذاتية لشمال سوريا وشرقها، بإرسال شكاوى لجهاتٍ أممية، فإن أنقرة لم تتراجعْ بعدُ عن سياساتها العدائية تجاه سوريا، ويبدو أنها ستستمر في ذلك مستقبلا. مؤكد أن أنقرة لجأت إلى مياه الفرات لاستخدامها كسلاح، بعد فشلها في استمرار مخططاتها العسكرية الهادفة لاحتلال المزيد من المناطق السورية، وتحديدًا في المناطق المتاخمة للحدود التركية مع سوريا، فقد كان الجيش التركي يسعى إلى السيطرة على مدن كوباني ومنبج والقامشلي وتل تمر وعين عيسى، وغيرها من المدن والبلدات السورية الواقعة على حدودها الجنوبية، لكن مع فشل تلك المخططات، رأت في مياه النهر سلاحًا جديدًا لمحاربة سكان تلك المناطق اقتصاديا واجتماعيا وحياتيا، بعد فشلها في ذلك عسكريا، كما فعلت سابقًا في عفرين وتل أبيض ورأس العين، فاستمرار قطع المياه سينجم عنه انعدام الكهرباء والجفاف ونشر الأوبئة. لقد فشلت أنقرة في المضي قدمًا بتنفيذ مخططاتها، الهادفة إلى السيطرة على عموم الشمال السوري بذريعة حماية أمنها القومي، ومع أنها سيطرت بالفعل خلال سنوات الحرب السورية على 6 مدن وبلدات شمالي البلاد، بعدما هجرها سكانها الأصليون، بدّلت مخططها العسكري حول المدن التي لم تفلح في السيطرة عليها حتى الآن بقوة السلاح، لذلك لجأت إلى استخدام سلاح مياه الفرات. استمرار الجانب التركي في ممارسة هذه السياسة العدائية مع سوريا والعراق المجاور، ستكون عواقبه وخيمة على كلا البلدين، وستتجاوز مسألة تأمين مياه الشرب وريّ المزروعات وتوليد الطاقة الكهربائية، لذلك ينبغي على دمشق وبغداد، بمساعدة جامعة الدول العربية والهيئات الأممية، اتخاذ خطوات جديّة وفرض عقوبات حاسمة لإرغام أنقرة على التوقف فورًا عن استخدام مياه الفرات كسلاحٍ. جوان سوز/ موقع العين