“ترويج وبيع المخدرات” عبر وسطاء سوريون بغطاء ودعم من قادة الميليشيات الموالية لإيران يتصاعد في مدينة حلب
لايخفى على القاصي والداني بأن سوريا باتت بؤرة خصبة لتجارة وترويج المخدرات، في ظل التغلغل الإيراني على كافة الأراضي السورية الخاضعة لسيطرة النظام، حيث أفاد نشطاء المرصد السوري لحقوق الإنسان، بأن تجارة المخدرات وبيع “الحشيشة” باتت ظاهرة علنية في أحياء مدينة حلب، وذلك عبر ادخالها بشكل كبير خلال الفترة الأخيرة وبيعها للشبان والفتية عبر وسطاء سوريون تقوم قادة الميليشيات الموالية لإيران بحمياتهم وتسهيل عملية إدخال “المخدرات” إلى أحياء حلب، حيث تعود ريعها لصالح تلك الميليشيات، ووفقًا لنشطاء المرصد السوري لحقوق الإنسان، فإن شخص يدعى “ر.و” يعتبر الموزع الرئيسي لـ “الحشيشة” في مدينة حلب، ويقوم ببيعها عبر شبكات مروجين في الأحياء، أمام أعين الأفراع الأمنية التابعة للنظام السوري، حيث تقوم ميليشيات إيران بحماية “ر.و” وتسهيل عمله، وتربطه علاقات وثيقة بقادة “حزب الله” اللبناني المتواجدين في سوريا.
المرصد السوري لحقوق الإنسان، كان سلط الضوء على ظاهرة انتشار المخدرات ضمن الأراضي السورية في أبريل/نيسان المنصرم، فمنذ انطلاق الحراك الشّعبي نحو الدّيمقراطية في سوريا عام 2011 شهدت البلاد حالةَ دمارٍ على كافة الأصعدة، ومع مرور سنوات الصّراع المسلّح وما تبعها من مناطق نفوذ متفرقة دخلت تجارة المخدرات والموادّ المخدرة وآلية ترويجها مرحلةً جديدة في عموم سوريا، ليتم التحول من “بلد العبور” إلى “بلد التّصنيع والعبور معاً”، وساعد في هذا الأمر مقوّمات عدّة، على رأسها دخول “حزب الله” والميليشيات الإيرانية بشكل رسمي إلى جانب قوات النّظام السّوري، وصولاً إلى سيطرته على كامل الشّريط الحدودي بين لبنان وسوريا، من القصير في ريف حمص وصولاً إلى جرود القلمون، ناهيك عن دور الجماعات المسلّحة في ترويج وتجارة الموادّ المخدّرة وبشكل علني مستغلةً الفراغ الحاصل.
صناعةٌ رخيصة للمخدرات قد نشأت في سوريا، على يد تجّار المواد المخدّرة والسّلطة الغير الشرعية، تجّار الحرب بمعنىً أدق، وتكاثرت شبكات التّهريب وتنوعت اتّجاهاتها، وزاد من الأمر تعقيداً حالة الفلتان الأمني التي شهدتها معظم المناطق السّورية التي جعلت من هذه التجارة أمراً اعتيادياً وسهل التّداول وأمام العلن، في انتهاكٍ صارخ لجميع المواثيق الدّولية.
المناطق السورية والمخدّرات
لابد من الإشارة إلى أسباب انتشار (المواد والمخدرات غير المشروعة) في الدّاخل السّوري، دون محاسبةٍ أو رقابةٍ تذكر، أبرزها انتشار المروّجين والبائعين لها بكثرة في ظل غياب الرّقابة وحالة الفلتان الأمني التي تشهدها معظم المناطق.
الطّريقة التي يعتمد فيها بيع هذه الموادّ تتم عبر شبكات موزعة بعدّةٍ مناطق مرتبطة ببعضها أو عبر تجار دخان سابقين لهم علاقات مباشرة مع تجار المخدرات(المواد المخدرة) إذ يتم تصريف المخدرات من خلالهم أو عبر وسطاء يعملون في مجال بيع المخدرات، بشكل سري، وعن طريق مركبات ووسائط نقل عامة وخاصة، وذلك بعد الحرص على تمويهها.
تنتشر المخدرات في معظم المحافظات السّورية وخاصة في المناطق الخاضعة لسّيطرة النّظام السّوري، لاسيما في المناطق الجنوبية كالسّويداء ودرعا والقنيطرة والعاصمة دمشق وريفها.
ففي محافظة السويداء أشار المرصد السوري لحقوق الإنسان أواخر شهر شباط إلى مداهمة فصائل محلية لمراكز بيع “كرفانات” في محيط الملعب البلدي ودوار الباسل، وذلك لإلقاء القبض على عصابات تمتهن ترويج المخدرات والحشيشة، حيث دارت اشتباكات بالأسلحة الرشاشة وقواذف “أر بي جي”، بين عناصر الفصائل المحلية من جهة، والمروّجين، ما أدى إلى وقوع إصابات من الطّرفين، وعبر أبناء جبل العرب عن استياءهم من انتشار المخدرات بشكل كبير في الجنوب، وقاموا بكتابة عبارات على الجدران منددة بانتشار المخدرات برعاية حزب الله اللبناني وأخرى منددة بالنظام، وجاء في بعضها، “عصابات السويداء+الأجهزة الأمنية+حزب الله=سبب مشاكل السويداء”، وإسرائيل بتقصف والسلطة بتحتفظ بحق الرد وحزب الله ببيع مخدرات.. خوش ممانعة” و”كيلو مخدرات+حزب الله=مقاومة وممانعة” والجنوب السوري مقبرة حزب الله وإيران ومش المهم البلد ينهار المهم يبقى على الكرسي بشار”
في درعا، وفي خضم الانتشار الكبير للمخدرات فيها، تشهد عمليات قتل بشكل متكرر لتجار وأشخاص يتخذون من المخدرات عمل لهم كالبيع والمتاجرة والترويج، ويذكر المرصد السوري بعضاً من تلك الحوادث، ففي السادس من ديسمبر\ كانون الأول عام 2020 استهدف مسلحون مجهولون، شاباً يعمل بتجارة المخدرات، في بلدة أبطع بريف درعا الأوسط، ما أدى إلى إصابته بجروح خطيرة تم نقله إلى مستشفى لتلقي العلاج.
وفي الثالث من أبريل\نيسان عام 2021 اُستهدِفت سيارة تابعة لفرع مكافحة المخدرات بعبوة ناسفة في حي الكاشف في مدينة درعا، حيث أسفر الانفجار عن مقتل 3 عناصر من الدورية بالإضافة لأضرار مادية في المنطقة.
في السابع عشر من نوفمبر\تشرين الثاني عام2020تم العثور على جثتين اثنتين لشخصين يعملان في تجارة المخدرات عند أطراف بلدة المليحة الشرقية بريف درعا الشرقي، مقتولين رمياً بالرصاص من قبل مسلحين مجهولين.
في الحادي والثلاثين من أغسطس\آب عام 2020 عمد عنصر سابق في صفوف الفصائل المعارضة، ومتطوع مع “الأمن العسكري” التابع للنظام السوري، إلى الانتحار من خلال إطلاق النار على نفسه بعد تناوله كميات كبيرة من “المخدرات”، وذلك في بلدة نصيب الواقعة عند الحدود الأردنية – السورية في ريف درعا.
وبالانتقال إلى العاصمة السورية دمشق وريفها، فتشهد انتشار لمادة “الحشيش والحبوب المخدرة” بشكل علني وبأسعار رخيصة، حيث تباع في المحلات التجارية ومحلات البقالة بسبب حالة الفلتان الأمني وعدم اكتراث النظام.
منطقة البرامكة في العاصمة دمشق، أصبحت مرتعاً لسماسرة الحشيش والحبوب المخدرة، الذين يقفون على قارعة الطرقات هدفهم الأطفال والشبان والشابات، ويقومون ببيعهم المواد المخدرة بشكل شبه علني.
في التاسع من أبريل/نيسان من العام 2020، داهمت الشرطة العسكرية الروسية مستودعاً يحوي مواد مخدرة في منطقة معربا بريف دمشق الغربي، حيث تعود وصاية المستودع لشخص سوري مقرّب من حزب الله اللبناني، وجاءت المداهمة الروسية بعد شكاوي عدة قدمها أعيان البلدة إلى الشرطة العسكرية الروسية بسبب انتشار المواد المخدرة بين الشبان في المنطقة، حيثُ تم ترويجها وطرحها في السوق عن طريق أشخاص من الجنسية السورية من الموالين لحزب الله اللبناني.
المرصد السوري سلط الضوء في شباط 2021، على تصاعد تجارة “الحشيش والحبوب المخدرة” في عموم منطقة القلمون الحدودية مع لبنان بريف دمشق، وذلك من قبل مسؤولين وعناصر في حزب الله بمشاركة ميليشيات محلية موالية لهم، حيث يتم الترويج للحبوب المخدرة بشكل كبير، في الوقت الذي يكون إنتاجها في معامل متواجدة بالمنطقة، يقدر عددها وفقاً لمصادر المرصد السوري بنحو 14 معمل، توزعوا على الشكل التالي: ( 3 معامل في سرغايا ومعملان اثنان في كل من رنكوس وعسال الورد والجبة، ومعمل واحد في كل من تلفيتا وبخعة والطفيل ومضايا والصبورة)، حيث يتم بيع منتجات تلك المعامل في المنطقة ويتم تصديرها لمناطق سورية مختلفة لا تقتصر على مناطق النظام، بالإضافة لخروجها خارج الأراضي السورية.
في الخامس عشر من سبتمبر\أيلول عام 2019 انتشرت ظاهرة الحبوب والمواد المخدرة في عدد من مدارس قرى وبلدات وادي بردى في ريف دمشق الغربي تحت إشراف عناصر الميليشيات الموالية لحزب الله اللبناني من أبناء المنطقة مثل قرية “دير مقرن” بوادي بردى، وفي مدرسة البلدة الثانوية، كما أن المروجين عملوا على توزيع بعض أنواع الحبوب المخدرة في النوادي الرياضية للشبان بشكل شبه مجاني، مدّعين أنّها حبوب منشطة، بهدف جذب الشّبان للإدمان عليها وطلبها فيما بعد.
وقامت عناصر الميليشيات على إجبار بعض طلاب المدارس الإعدادية والثانوية على العمل في ترويج المخدرات داخل مدارسهم مقابل إعطائهم متطلباتهم من الحبوب بشكل مجاني.
واتخذت بدورها عناصر من مجموعة تابعة للفرقة الرابعة تعمل كقوة رديفة في وادي بردى، من الأكشاك المنتشرة في قرى كفير الزيت، ودير مقرن، والحسينية وإفرة، مركزاً رئيسياً لبيع الحبوب المخدرة وبشكل علني، حيث يتم إدخال مادة الحشيش والحبوب المخدرة إلى المنطقة من سهل البقاع اللبناني عبر بلدة فليطة في القلمون الغربي، بإشراف قياديين بارزين في حزب الله والميليشيات المحلية التابعة له في المنطقة.
في الأول من ديسمبر\ كانون الأول عام 2018 شهدت الغوطة الشرقية في ريف دمشق، انتشاراً كثيفاً للمواد المخدرة، بعد مساهمة بعض من عناصر النظام السوري وعناصر منشقين عن المعارضة في إدخالها للمنطقة، ففي مدينة حرستا بريف دمشق يتعاطى الشبان المخدرات عن طريق عناصر من النظام السوري، أو منشقين عن المعارضة ممن يتعاملون مع النظام إذ يتاجرون بالمخدرات بعد شرائها من ضباط الأخير عبر عناصر تابعين للفرقة الرابعة آنذاك.
في أوائل العام 2020 المنصرم، شهدت بلدة فليطة بالقلمون الغربي اقتتالاً عنيفاً بين عناصر تابعة لـ “حزب الله اللبناني” من جهة، وقوات “الدّفاع الوطني” من جهة أُخرى، استخدم خلالها الطّرفين أسلحة متوسطة، وتركزت على حاجز العقبة التابع للدّفاع الوطني بالقرب من جرود فليطة، وامتدّت إلى الجرود الخاضعة لسيطرة مسلحين موالين لـ”حزب الله اللبناني”، وأسفرت الاشتباكات عن إصابة نحو 7 عناصر من كلا الطّرفين، وذلك إثر خلافات على أرباح مالية بتجارة المخدرات بين قادات “الدفاع الوطني” والقادات الموالين لحزب الله.
كما ويعمل عناصر وقياديون بالدفاع الوطني الموالي للنظام بدور تجار للمخدرات حيث يقدمون على توزيع المواد المخدرة إلى مروجين يعملون على بيع المواد المخدرة للمستهلكين في مدن البوكمال والميادين و ديرالزور ويرتبط عناصر وقياديي الدفاع الوطني بعناصر وقياديين من قوات سوريا الديمقراطية و أشخاص مدنيين لنقل المواد المخدرة إلى مناطق الأخيرة عن طريق زوارق صغيرة عبر نهر الفرات ليلاً والذين بدورهم أيضاً يقومون بتوزيعه الى مروجين يبيعونها ضمن محالهم التجارية و بسطات بيع الدخان.
أيضاً صادرت قوات النّظام السّوري عدّة مرّات شحناتِ مواد مخدّرة دون أن تعلن عن مصدرها أو من يقوم بتهريبها.
وتشهدُ مدن وبلدات محافظة ديرالزور انتشاراً واسعاً للمخدرات وخاصّة بين عناصر قوات النّظام السوري وعناصر المليشيات الموالية له والتي تتم تحت غطاء قادة عدة فصائل من المليشيات حيث يوفر قادة ميليشيا (الدّفاع الوطني، لواء القدس، ابو الفضل العبّاس) الغطاء الأمني لتجّار المخدرات إضافةً الى نقل الموادّ المخدرة بآليات الميليشيات مقابل عائد مادي بنسبة 50 بالمئة من أرباح تجارة المخدرات حيث تم نقل إحدى الشحنات تحت غطاء ميليشيا لواء ابو الفضل العباس وإدخال عشرة آلاف علبة حبوب( كبتاغون) من العراق الى مدينة الميادين في دير الزور ليتم بيعها في المدينة وريفها عبر تاجر من مدينة البوكمال متعامل مع ميليشيا ابوالفضل العباس حيث تم نقل الكمية بآليات الميليشيا العسكرية وطريقة البيع تتم بشكل علني ودون مراعاة أي عمر وحتى من هم دون سن 18 عام يتم بيعهم حبوب مخدرة.
كما ويتم تهريب حبوب مخدرة مثل( ترامادول, هيدروكسي) من خلال نقاط الرباط وبعض الأماكن المحاذية لسيطرة النظام السوري في نقطة قرب سراقب، كما يتم عن طريق الفصائل التابعة لحزب الله في ظل سيطرتها على المناطق الحدودية بين سوريا ولبنان، والتي بدورها توزعها إلى كافة أرجاء الداخل السوري.
في مناطق سيطرة هيئة تحرير الشام والفصائل: في مدينة إدلب وريفها الشمالي ورغم أنه يتم ملاحقة تجار مادة المخدرات من قبل الحواجز الأمنية التي تتبع لهيئة تحرير الشام إلا أنه يتم دخول هذه المواد(حبوب وحشيش) بشكل مستمر عن طريق بعض المتنفذين من قادة الفصائل وبعض العناصر العسكرية وترويجها وبيعها في ساحة الساعة وسط مدينة إدلب أو في صيدليات بالمدينة وريفها بدون وصفة أو استشارة طبية, تحت ذريعة صرف الوصفة لمصابي الحرب.
وعن حجم هذه الظاهرة يؤكد أحد العاملين في مركز “إنقاذ روح” المتخصص في علاج حالات الإدمان وأمراض أخرى في مدينة الدانا شمال إدلب، أن المركز يستقبل بشكل شهري من 30 إلى 40 حالة بشكل تقريبي يعانون من حالات الإدمان بشكل عام من أرياف إدلب وحلب، منها إدمان على الكحول وقسم منهم مدمن على تعاطي المخدرات أو الأدوية المهدئة التي حلت محل المخدرات مؤخراً، مثل “الترامادول” ويقوم دور المركز على علاج المدمن بأدوية معينة لتخليص جسمه من تأثير المخدرات لفترة تصل إلى 15 يوم، ثم ينقل لمصح يقوم عليه إخصائيون يتابعون حالته حتى الشفاء التام من الإدمان.
أيضاً تم العثور على أرض زراعية تزرع فيها أنواع من الحشيش مثل (الكبتاغون, ترامادول) في مدينة دركوش في ريف إدلب الغربي والتي تباع لصيدليات محددة تابعة لأشخاص معروفين, فيما تم إنشاء مصنع للحبوب في ريف حلب الشمالي.
في مناطق الشّمال السّوري التي تسيطر عليها الإدارة الذاتية وبالتحديد في مدينة الدّرباسية (التّربة الخصبة لزراعة الحشيش والمخدرات) كانت تجارة هذه الموادّ رائجةً بشكل كثيف، ولكنها تراجعت في الآونة الأخيرة, ولكن لم يمنع الأمر من تعاطي الشّبان لمواد مخدّرة بكافة أنواعها (الأفيون والهيروين والكبتاغون والأوبرفان والترامادول), بنسبة 10% دون رقابة أو محاسبة من قبل السّلطات في المنطقة, فمثلاً كثيراً ما يتم اعتقال المتعاطين وإطلاق سراحهم من قبل قوات الأسايش دون اللجوء لمحاكمتهم أو إعادة تأهيلهم في مراكز متخصصة, حيث يؤولون الأسباب لعدم توفر المراكز وعدم السّيطرة عليهم في السّجون، وأغلب مدمني الموادّ المخدرة هم مصابي الحرب والعناصر المسلحة في المنطقة.
في السابع والعشرين من سبتمبر\ أيلول عام 2020 اعتقلت الاستخبارات التابعة لقوات سوريا الديمقراطية “قسد” رجلاً بعد مداهمة منزله في قرية كلهي بريف بلدة المالكية في ريف محافظة الحسكة، على خلفية اتهامه بترويج المخدرات وتهريب البشر في المنطقة.
كما وداهمت قوات سوريا الديمقراطية في التاسع عشر من مارس\آذار عام 2019 نحو ستة منازل في مدينة البصيرة بريف دير الزور، بتهمة “تجارة السلاح والمخدرات.
مناطق سيطرة القوات التركية والفصائل: على غرار باقي مناطق السيطرة، تنتشر المخدرات بشكل كبير جداً جداً ضمن مناطق النفوذ التركي برفقة الفصائل الموالية لها، سواء ضمن مناطق “نبع السلام وغصن الزيتون” أو مناطق درع الفرات، ففي الرابع عشر من يناير\كانون الثاني عام 2021 اعتقلت الاستخبارات التركية” ابن شقيق قائد فرقة في “السلطان مُراد” في منطقة حوار كلس الواقعة عند الحدود السورية – التركية في ريف حلب الشمالي، وذلك بعد ضبط 4 كيلو غرامات من المواد المخدرة بحوزته.
وفي التاسع من أبريل\نيسان عام 2020 اشتبكت عناصر من الفصائل الموالية للنظام التركي في مدينة الباب بحلب بسبب خلاف على تجارة حبوب مخدرة، مسلحون من مجموعة عناصر يتبعون لما يعرف باسم “الجبهة الشامية” اشتبكت مع مسلحين يتبعون “أحرار الشام” ما تسبب بقطع طريق الراعي
أما طريقة نقل وتجارة المخدرات عبر المعابر الحدودية فتتم عن طريق المليشيات الإيرانية و بإشراف قادتها إذ تقوم بنقل المخدرات والحشيش من لبنان عبر المحافظات السّورية إلى محافظة ديرالزّور و يتم نقلها بشكل أساسي الى العراق عبر المعابر الخاصّة بالمليشيات ويتم نقل المواد المخدرة بسيارات مدنية تحت مسميات مختلفة (خدمة الحجاج الشيعة) و تجار محليين أو عراقيين و الشاحنات التي تحمل مواد إغاثية.
وكانت السلطات العراقية قد أعلنت، في الخامس والعشرين من سبتمبر/ أيلول من عام 2020، القبض على اثنين من مهربي المخدرات غرب الموصل العراقية على الحدود مع سوريا، قبل أن تعلن في نهاية الشهر نفسه إحباط محاولة تسلل لثلاثة أشخاص من مناطق سيطرة “قوات سوريا الديمقراطية”(قسد)، يمتهنون تهريب المواد المخدرة أيضاً.
ومنذ مطلع عام 2021 ضُبط أكثر من خمس شحنات تهريب لمادة الحشيش والحبوب المخدرة، أثناء دخولها من الأراضي السورية عبر حدود الأردنية الشّمالية الواصلة مع السويداء أو درعا، ولا يفصح نظام السّوري عن هوية المتورطين في عمليات التّهريب، وهو الأمر الذي لا يكشفه الأردن أيضاً.
وهناك أنواع مختلفة للحشيش، وتنقسم عمليات رواجها بين الأكشاك والمقاهي، وبين أشخاص لهم سلطات أمنية، وهناك نوعية جديدة لجودة بذرتها، وتنتشر بصورة كبيرة يطلق عليها اسم الشعلة.
وأثناء تواجد تنظيم “الدولة الإسلامية” في ريف دير الزّور حاربَ التنظيم مروجي المخدرات واغتالهم وحرق المحالّ التي كانت تتاجر بالمواد المخدّرة، وتمكن من اعتقال بعضهم وحدّ من قدرة المروجين لها، إلى أن جاءت قوات سوريا الدّيمقراطية وحدت من حركة التجارة ونقل المواد من مناطق سيطرة النّظام السّوري والميليشيات الإيرانية عبر تسيير دوريات ليلية ومداهمة المعابر النّهرية ونقاط التّهريب.
يذكر أن الشرطة الإيطالية أعلنت في التاسع من يوليو\تموز عام 2020 عن مصادرة كمية قياسية من الأمفيتامين تبلغ 14 طنا على شكل 84 مليون حبة كبتاغون، بقيمة مليار يورو وُجدت داخل ثلاث حاويات أنتجها تنظيم داعش في سوريا، وكانت موجهة إلى شركة مقرها في مدينة لوغانو السّويسرية، حيث أوضحت الشّرطة الإيطالية أن العملية تمت في مرفأ ساليرنو في جنوب نابولي.
وكان تنظيم داعش يستورد الكبتاغون خلال فترة سيطرته على مساحات واسعة من العراق وسوريا بين عامي 2014 و2018، كان يشار إليها باسم “الجندي الفائق”، وحين يتداولها عناصر التنظيم يشعرون بالقوة الفائقة، وغالباً، ما تجعلهم يشعرون بأنهم لا يقهرون في ساحة المعركة.
كما أعلن حرس الحدود السعوديون أنهم أحبطوا محاولة تهريب حبوب كبتاغون إلى المملكة قادمة من سوريا.
ويتم إحضار بعض المكونات إلى مدينة حمص السورية لصنع المخدرات، ويتم توزيع بعض المواد على مكاتب حزب الله في لبنان، بالنسبة للشحنات إلى أوروبا، عادة ما تذهب إلى اليونان أو إيطاليا أو مالطا أو ألبانيا ومن هناك، يمكنهم الدخول والوصول إلى أوروبا كلها.
وعلى ضوء ما سبق يبدو أن المخدرات لم تعد كما في السابق عشوائية ومتفرقة، بل تحولت إلى منظّمة، تديرها شخصيات نافذة، ويقف من ورائها نظام الأسد، وهو ما تؤكده تفاصيل طرق التّهريب، عبر البرّ من الحدود أو البحر من الموانئ السّورية التي لا يمكن لأي شخص دخولها أو التجارة عبرها، سواء طرطوس الذي تهيمن عليه روسيا أو ميناء اللاذقية، الذي كانت إيران قد دخلت فيه بعقود استثمارية في السّنوات الماضية.
أدلة على تورط رأس النّظام السّوري
أصابع الاتهام تشير إلى حكومة بشار الأسد في سوريا وحليفه حزب الله اللبناني، الذين عُرفوا منذ فترة طويلة بالتّعامل مع دوائرِ تهريب المخدرات ولهما تاريخ في تجارة الكبتاغون العالمية والشّحنة التي تم ضبطها في نابولي خرجت من ميناء اللاذقية السّوري، الذي يخضع بالكامل لسيطرة الأسد.
في أبريل\نيسان عام 2020، اكتشفت السّلطات في مصر كميات من مخدر الحشيش مخبأة في علب الحليب تعود لشخصية نافذة ضمن النظام، كما ضبطت دبي 5.6 مليون طن من كبتاغون ، وكلا الشّحنتين أيضاً خرجتا من ميناء اللاذقية.
نظام الأسد ليس الوحيد فإلى جانبه “حزب الله” اللبناني، والذي تشير التقارير الأمنية في عدة دول إلى أنه مسؤول أساسي أيضاً في صناعة المخدرات، ومن ثم شحنها بطرق مختلفة إلى دول الجوار مع سوريا أو دول بعيدة في القارة الأوروبية، وهنا يحقق هدفاً يتعلق بالمبالغ الطائلة التي يجنيها من هكذا تجارة، في مدخول لتمويل عملياته العسكرية والحصول على الأسلحة.
وفي العامين الماضيين كانت هناك تقارير كثيرة أثبتت مصدر الحبوب المخدرة بأنها من جانب نظام الأسد و ”حزب الله”، لكن لم يكن هناك شيء مثبت حول المناطق التي تتم فيها عمليات التصنيع والترويج، فصناعة المخدرات في سوريا باتت منظّمة بشكل كبير، وأصبح لها أسواق ليس للخارج فقط بل للداخل، وعلى جميع مناطق النفوذ.
الآلية المذكورة في ترويج وتهريب المخدرات انسحبت على شخصيات نافذة وأخرى غير نافذة من أبناء بعض العشائر، وعلى مختلف المحافظات السورية، أبرزها محافظة حمص التي كانت محطة وسطى لتجار المخدرات، وفيها كانت تتم عمليات التغليف بطرق سرّية، في إطارات السّيارات أو أقفاص البيض أو حتى ألواح الرخام.
الصناعة المنظّمة للحبوب المخدرة ترتكز على شبكة من المصانع المتفرقة تقع في عدّة محافظات سورية بمصنع “ميديكو” في محافظة حمص، ومعمل منطقة البصة في ريف اللاذقية، إلى جانب “معمل التضامن” الذي تديره “الفرقة الرابعة” في قوات الأسد.
حملات التّوعية حول مخاطر المخدرات
وظهرت حملات مدنيّة لتوعية الأهالي من مخاطر المخدرات وأضرارها الكبيرة على الفرد والمجتمع في العديد من المدن السّورية، ومن تلك الحملات حملة (لا للمخدرات)التي ضمّت فريقاً من الإعلاميين والنّشطاء والمعلمين والمرشدين النّفسيين والاجتماعيين فقاموا بمحاولة إيجاد سبل للتّعاون مع المؤسسات الصّحيةِ والمسؤولة للقضاء على أسبابِ هذه الظّاهرة التي انتشرت نتيجة تراجع الوعي وضعف المساءلة القانونية، تزامناً مع ارتفاع الضّغوطات النّفسية التي تدفع الشّباب إلى الهروب من واقعهم.
الاستنتاجات
تجارة المخدرات استهدفت المواطنين والفئة الشّابة على وجه الخصوص، المخدرات تلعب دوراً رئيسياً في انحدار القيم الثّقافية والأخلاقية وسبب بتفشي ظاهرة العنف وارتكاب الجرائم وتفكك الأسرة، وقد تودي بالفرد إلى حالات الانتحار والوفاة، ويجب التّعامل مع متعاطي المخدرات على أساس إنهم مرضى وإعادة تأهيلهم مع توفير الرّعاية الصّحية لهم وأي إجراءات تعيق حصول المتعاطي على خدمات العلاج والوقاية تشكل انتهاكاً لحقوق الإنسان إضافةً إلى أن أساسيات هذا الحق يتمثّل بأعلى مستوى من الصّحة التي حظيت بالحماية في المواثيق الدّولية المختلفة، وفي سوريا قامت أطراف الصّراع بشتى أنواعها، بخرق المعايير والقوانين الدولية المتعلقة بملف المخدرات وحقوق الإنسان واستغلال الحرب لدوافع شخصية من خلال الاستهتار التّام بحياة المدنيين في سوريا وإلحاق أضرار نفسية وجسدية بهم.