ما يحدث اليوم في باشور يفسر ماهية اتفاقية الـ ٥٠ عام
الدار خليل
في عام ١٩٨٢ تم توقيع اتفاقية بين كلٍّ من القائد عبد الله أوجلان والمرحوم إدريس البارازاني والتي تضمنت بشكلها الأساسي منع الاقتتال الكردي – الكردي، لقد كانت الاتفاقية كنوع من الخطوة الاستباقية لسد الطريق أمام محاولات عرقلة مسار النضال الكردي خاصة مع تطور النضال والثورة الكردية في تلك المرحلة.
ما يحدث اليوم في باشور كردستان وما يتبعها (PDK) من سياسات تتناقض مع مسارات العمل الوطني الكردي المشترك، حيث تعمل تركيا اليوم على جعل إقليم كردستان قاعدة انطلاق لها من أجل محاربة حزب العمال الكردستاني وكل الأطراف التي لا تراها تركيا متناغمة مع سياساتها، ومن المؤسف أن ينجر (PDK) إلى مخططات تركيا وتتجاهل بأنه مهما كانت تركيا راضية عنها؛ فإن هذا الرضى محصور في شكل خدمة تركيا وليس خدمة الكرد، فأين خدمة الكرد عندما تقول أنها تناضل من أجل القضية الكردية وتنضم إلى الحملات التركية ضد الكريلا، لا بل تتمركز بقواتها في عمق مناطق الدفاع المشروع؟ كذلك أين خدمة القضية الكردية من اعتقال ممثلي الإدارة الذاتية في باشور وأعضاء العلاقات لحزب الاتحاد الديمقراطي (PYD)، حيث تركيا هي الوحيدة التي تستفيد من هذه الممارسات، أيضاً أين خدمة القضية الكردية عندما يتم فرض شروط تعجيزية على معبر سيمالكا في الوقت الذي تعتبر روچ آفا محاصرة من كافة النواحي؟
الاتفاقية الموقعة بين (PDK) وتركيا في ٢٥ آذار ٢٠١٣ والتي تم الحديث عنها في برلمان الإقليم عام ٢٠١٤ على أنها اتفاقية من أجل التعاون في مجال الطاقة على مدى ٥٠ عاماً لا تزال مبهمة ولم يتم توضيح تفاصيلها الدقيقة؛ لأنه بدل من أن يكون اتفاقاً في مجال الطاقة بات اتفاقاً للدفاع عن مصالح تركيا ضد الكرد وبالتحديد ضد الكريلا، فإن عملية توقيف ممثل الإدارة وأعضاء علاقات (PYD) تخلو من الإجراءات القانونية كما أنها لا تتماشى مع قرار الحكومة التشاركي في باشور، حيث كيف يمكن لطرف واحد من الحكومة أن يقوم بتوقيف أشخاص وسياسيين كرد بدون علم الأطراف الأخرى؟!
هذه الممارسات تزيد من تعقيد الأمور وكذلك تثير المخاوف حول مصير الموقوفين الذين لا يُعرف عنهم إن كانوا موقوفين أم معتقلين! ولا يعلم أحد، حتى عائلاتهم، مصيرهم حتى الآن، والخوف الأكبر هو أن تكون عملية التوقيف مدارة مباشرة من قبل تركيا! فإن السؤال الذي يفرض نفسه هو هل تم تسليمهم لتركيا أم لمحققين أتراك أم ماذا؟ لا يوجد شيء واضح، وكل شيء يثير الشك والمخاوف!
في هذا الوقت الحساس والهام فإن هذه التصرفات إجمالاً لا تخدم أحداً سوى تركيا ذاتها، سواء أكان موضوعَ التوقيف أم موضوعَ المشاركة في التحشيد ضد الكريلا. من الواجب الأخلاقي والوطني ومن المنطق والعقل أن يتم إعادة النظر بمجمل هذه الممارسات وإطلاق سراح الموقوفين، وكذلك الانسحاب من المناطق التي ذهبت إليها قوات (PDK)، حيث جعلتهم تركيا دروعاً لها ضد الكريلا في الخط الأمامي، بحيث في الحالتين تكون النتائج تخدم تركيا، سواء من ناحية تأمين جيشها الذي ناب عنه قوات (PDK) أو من ناحية حصول قتال بين قوات (PDK) وبين الكريلا، وبالتالي تطوير الحرب الكردية – الكردية التي سوف تكون خدمة مجانية لدولة الاحتلال التركي؛ لذا وتداركاً لما حصل في الماضي وحفاظاً على دور وأهمية القضية الكردية في هذه المرحلة لا بد من اليقظة وتحكيم العقل والعدول عن المشاريع التي تطورها تركيا وتزينها بغطاءات كردية؛ حيث الخطر الأكبر على باشور اليوم هو من تركيا ومن داعش بالدرجة الأولى وكلاهما واحد.
آداربرس