العملية الدستوريّة:ما العمل؟
فاروق حجي مصطفى/ برجاف
قبل أيام انتهينا من سلسلة الجلسات الحواريّة التي عقدناها، وحضرها قادة المجتمع المحليّ من المدنيين والحزبيين والنسويين والنسويّات، إضافةً للقادة المجتمعيّة من يحملون دلالة العشيرة أو القبيلة، وسط النفور من دائرة الحديث عن الدستور والعملية الدستوريّة، وذلك بسبب إنّ:
-هناك غياب في عملية التمثيل في اللجنة الدستوريّة، وغياب شبه تام في اللجنة المصغرة لصياغة الدستور.
-هناك حديث قوي، بل وحقيقي عن دور استانة السلبي في العملية والموقف من الفعالية الكُردية.
وبالرغم من هذين التحديين الكبيرين، استطعنا الوصول إلى المئات من قادة مجتمعنا ومن القطعات المؤثرة في الحياة العامة المتنوعة، وناقشنا معهم وبوجود عدد من الزملاء والزميلات من كتلة المجتمع المدني في اللجنة الدستوريّة مثل انور مجني، سميرة مبيّض ، صباح حلاق، مازن غريبة، فايق حويجة، خالد الحلو، وغيرهم، أهم التحديات التي تواجه اللجنة، وكيفية تطويرعملها، وما بوسع القادة المحليين من تقديم الرؤى والأفكارالتي تخص مطالبهم وآمالهم وطموحاتهم.
دون شك، فإنّ التحديات كانت أكثر وطأةً، خاصةً، وإنّنا واجهنا مصاعب في إقناع الناس على أهمية الدستور في حياتهم، وماذا يعني ضمان الحق الدستوري؟
وفي تجارب المقارنة، تحدث مثل هذه النشاطات قبل المباشرة في العمليّة، وحتى أجندات اللجنة الدستوريّة تُستخرج من مداولات العامة وفي الندوات والجلسات المجتمعية.
بيد إنّه في المسألة السورية بات كل شيءٍ استثناءاً، وحتى اللجنة الدستوريّة استثناء من بين السلال الأربعة.
الناس لم يُبدوا آرائهم اثناء تصميم العملية، ولم يشاركوا في تحديد ممثليهم، وحتى لم يُسمح للأمم المتحدة في اختيار أعضاء الكتلة الثالثة.
ومن هناك يمكن التعرج وتحديد قولٍ واحد، إنه إذا كانت هناك تدخلات واستقطابات في العملية الدستوريّة في كل دول خارجة من النزاع ولها ادوار ايجابية وسلبية، فإنّ في الحالة السوريّة أدوار التدخل الخارجي سلبية، إلى جانب أدوار غير مفهومة وتعكس حالة من الإحباط.
أهمية النشاط الدستوري لا تنحصر فقط في جمع التوصيات أو تقديم الخدمة للجنة الدستوريّة من خلال نقل الأفكار والرؤى وتوصيات الناس،إنما أبعد من ذلك بكثير.
حسب التجارب المقارنة، إنّ اللجان الدستوريّة قد لا تضطلع على ١بالمائة من الأفكار التي طُرحت، إنّما أهميتها هي اشراك الناس والفاعلين المحليين في القضية الأهم في أي بلد، وهي الدستور!
نعتقد إنّنا تركنا أثراً كبيراً، ونرى بإنّنا لم نقدم ما هو المرجو، فهناك حاجة لتعزيز الحديث عن الدستور ليصبح جزءاً من الحديث العام وجزءاً من أحاديث المجالس الخاصة.
الناس لم تُتَح لهم فرصة التمتع بالحقوق الدستوريّة، وفي هذه المرة فإنهم لا يرون أنفسهم ممثلين في اللجنة كما يجب.
إذاً دعنا نعمل لأجل إتاحة الفرصة لهم ليكونوا جزءاً من العملية الدستوريّة.
وتجدر الإشارة بإنّ العملية الدستوريّة أشمل من اللجنة الدستوريّة، فاللجنة جزء من العملية وليست نفسها!
وفي مشاركة الناس في المداولات العامة، يعني بإنّ الناس باشروا في مشاركة صياغة مستقبلهم، وبعد إنجاز الدستور سيشعر من شارك في المداولات وعملية إبداء الرأي بالراحة تجاه مواطنيته.
اللجنة لم تنتج بنداً واحداً من البنود الدستوريّة وهذا يعني إنّنا أمام طريقٍ طويل وإن كان شاقاً، وإنّ هذا المأخذ على اللجنة هي بمثابة فرصة أمام الناس لتصقيل مهاراتهم في المشاركة في الحياة العامة وفي الحياة السياسيّة، والأهم بإنهم سيدركون أهمية صوتهم في عملية الإستفتاء وسيميزون الدستور الجيد عن الدستور ما دون الطموحات.
بقي القول، إنّ الإشراك في العملية الدستوريّة يحقق شروط عدة: ملكية الدستور، والشرعية، يخلق نافذة للحوار وتاليّاً بلورة ثقافة الحوار المجتمعي والذي من خلاله فقط يمكن الوصول إلى التوافقات الوطنية، وإلى محتوى دستوري يعكس صورة مجتمعاتنا على مستوى الأفراد والجماعات، لا خيار إذاً غير خيار الإنخراط في العملية انسجاماً مع الحراك الذي بدأنا به.