وجدت تركيا في تذبذب المجلس العسكري الحاكم في مالي فرصة لدخول مربع التنافس على البلد الذي يعيش على وقع جدل بين روسيا وفرنسا، في خطوة تركية يعتقد مراقبون أن الهدف منها الرد على صفقة السفن التي عقدتها باريس مع أثينا واعتبرتها أنقرة تهديدا لاستقرار شرق المتوسط.
ويستفيد التدخل التركي المفترض تماما مثل الوجود الروسي في مالي من التوتر بين قيادة المجلس العسكري وفرنسا والخلافات بشأن “شرعية الانقلاب”، وكذلك المشاركة في الحرب على الإرهاب.
وكان المسؤولون الماليون قد برروا لجوءهم إلى روسيا والسماح بدخول مجموعة فاغنر بسبب، مكافحة الإرهاب، فيما يعتبر المراقبون أن استدعاء روسيا ولاحقا تركيا هو ردّ فعل على موقف فرنسا التي لم تدعم الانقلاب وسعت للضغط عليه لإعادة السلطة إلى المدنيين.
ولا شك أن التفكير في الصناعة الدفاعية التركية يعني بصفة خاصة مسيرات البيرقدار التي كان لها تأثير بالغ في حسم المعارك بين أرمينيا وأذربيجان حول إقليم ناغورني قره باغ، وكذلك في ليبيا، حيث أوقفت تقدم قائد الجيش الوطني الليبي المشير خليفة حفتر نحو طرابلس وأعادته إلى الشرق.
ويقول المراقبون إن دخول تركيا على خط التنافس في مالي سيستفز فرنسا أكثر التي لم تقبل إلى الآن بفكرة وجود روسي مفترض هناك، فكيف تقبل بدخول خصم تركي مستفز لا يخفي عداءه لباريس تحت عناوين تاريخية ودينية.
وفي الوقت الذي لا يخفي فيه الفرنسيون تحركهم في شرق المتوسط وسوريا وليبيا والقوقاز لمنع تركيا من التمدد وفرض أجنداتها، التقطت أنقرة الرسالة التي حملها اتفاق “الشراكة الاستراتيجية” الدفاعية الموقّع منذ أسبوعين بين باريس وأثينا، واعتبرت أن الهدف منه هو عزلها.
واعتبرت وزارة الخارجية التركية في بيان أن “انتهاج اليونان سياسة تسلح وعزل تركيا بدلاً من التعاون أمر إشكالي ويسيء لها وللاتحاد الأوروبي ويهدد الاستقرار والسلام الإقليميين”.
وكما زادت التجارة بين مالي وتركيا بأكثر من عشرة أضعاف، من 5 ملايين دولار في 2003 إلى 57 مليون دولار في 2019.
وسبق أن وقّعت تركيا مع النيجر على اتفاق دفاعي في 2019 أثار مخاوف من تسلل أنقرة إلى المنطقة الحيوية تحت ستار الحرب على الإرهاب.